[code]روي الإمام مسلم في صحيحه قال:وحدثنا أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا أبوأسامة عن عمر بن حمزة عن سالم بن عبدالله أخبرني عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم":
"يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن من بيده اليمني ثم يقول أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟".
- وروي الإمام أبوداود في سننه قال:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء أن أبا أسامة أخبرهم عن عمر بن حمزة قال:
قال سالك أخبرني عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم":
"يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمني ثم يقول أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن قال ابن العلاء بيده الأخري ثم يقول أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟"
هذا الحديث الشريف ينطلق من معني الآية الكريمة: "وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون" "الزمر: 67"
والحديث الشريف ينطلق أيضا من معني آية كريمة أخري يقول فيها ربنا "تبارك تعالي: "يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين" "الانبياء: 104"
ومع تسليمنا بطلاقة القدرة الالهية التي لا تحدها حدود.
ولا يقف دون إرادتها حائل. ومع إيماننا بأن قضايا الخلق والإفناء وإعادة الخلق "البعث" من قضايا الغيب المطلق التي لا يمكن للإنسان أن يصل فيها إلي تصور صحيح بغير هداية ربانية.
فإننا نقرر إمكانية الارتقاء بإحدي النظريات المطروحة لتفسير خلق الكون إلي مقام الحقيقة لمجرد وجود إشارات لها في كتاب الله أو في حديث صحيح مروي عن رسول الله "صلي الله عليه وسلم". ونكون بذلك قد انتصرنا بالقرآن أو بالسنة النبوية الشريفة للعلم. وليس العكس.
أما في حالة الآخرة فإننا نؤمن بأن لها من القوانين والسنن ما يغاير سنن الدنيا. لأن سنن الدنيا تمشي ببطء حتي يتمكن الإنسان من إدراكها. والتعرف عليها. وتوظيفها في عمارة الأرض. أما الآخرة فلا تأتي إلا بغتة كما جاء في القرآن الكريم. ولكن من رحمة الله بنا أن يبقي لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية ما يعيننا علي فهم إمكانية وقوع أحداث الآخرة. ومن ذلك طي السماوات الذي أشار إليه حديث رسول الله "صلي الله عليه وسلم" الذي نحن بصدده. وأشار إليه القرآن الكريم.
ففي مطلع القرن العشرين بدأ الفلكيون في ملاحظة توسع الكون بمعني تباعد المجرات عن بعضها البعض تباعدا بسرعات تقترب أحيانا من سرعة الضوء المقدرة بحوالي ثلاثمائةألف كيلومتر في الثانية. وأثارت الملاحظة جدلا كبيرا حتي تم التسليم بها في منتصف القرن العشرين.
ووصل العلماء من الرجوع بعملية اتساع الكون إلي الوراء مع الزمن إلي حتمية التقاء كل المادة. والطاقة. وكل المكان والزمان في نقطة واحدة متناهية الضآلة في الحجم. ومتناهية الضخامة في الكتلة وكم الطاقة. وقالوا بحتمية انفجار تلك النقطة في ظاهرة يسمونها عملية الانفجار العظيم نؤمن بها لورود إشارة لها في قول الحق "تبارك وتعالي":
"أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" "الانبياء: 30".
كذلك صار جدل طويل حول عملية توسع الكون هل هي عملية مستمرة إلي ما لانهاية. أم أن لها نهاية تتوقف عندها فتتغلب الجاذبية علي مادة وطاقة الكون فتطوي السماء. وتجمع كلا من المادة والطاقة والمكان والزمان في نقطة واحدة شبيهة بالنقطة الأولي التي بدأ بها الكون؟ وهنا أيضا يتدخل القرآن الكريم ليحسم القضية إلي صالح نظرية الانسحاق الشديد للكون وذلك بقول الحق "تبارك وتعالي":
"يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين" "الآنبياء: 104"
وهنا يأتي حديث رسول الله "صلي الله عليه وسلم" الذي نحن بصدده ناطقا بطي السماوات يوم القيامة. وهي حقيقة لا يستطيع العلم التجريبي أن يتجاوز فيها مرحلة التنظيم فوضع نظرية الانسحاق الشديد. وهي نظرية نرتقي بها إلي مقام الحقيقة لوجود إشارة لها في كتابه وفي سنة رسوله "صلي الله عليه وسلم".
ونظرية الانسحاق الشديد لم يتمكن الإنسان من بلورة تصور مبدئي لها إلا بعد منتصف القرن العشرين. وهنا يبرز التساؤل كيف يمكن لكتاب أنزل قبل ألف وأربعمائة سنة. أن يتحدث عن طي السماء بهذه الدقة البالغة لو لم يكن المتحدث فيه هو الخالق "سبحانه وتعالي"؟
وكيف أمكن لنبي أمي في قلب الجزيرة العربية من قبل ألف وأربعمائة من السنين "وقد كانت مجتمعا بدائيا. جاهليا. لا صلة له بعلم ولا بقراءة أو كتابة" أن يتحدث عن طي السماوات لو لم يكن موصولا بالوحي. ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض؟
وهنا تتضح أهمية الإشارات الكونية في كل من كتاب الله وسنة رسوله "صلي الله عليه وسلم" في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه. وهو زمن لم يعد يحرك مشاعر الناس فيه شيء كما تحركه الحقيقة العلمية.
وهذه الإشارات الكونية المنزلة من قبل ألف وأربعمائة سنة والتي لم يستطع الإنسان الوصول إلي تصور لها إلا منذ عشرات قليلة من السنين هي أيسر وسيلة في الدعوة إلي دين الله الخاتم في وقت تحول فيه العالم إلي قرية كبيرة تتلاقي فيها مختلف الحضارات.
والمعارف والمعتقدات. وأصبح لزاما علينا أن نحسن التبليغ عن الله ورسوله بلغة العصر وأسلوبه لعل الله "تعالي" أن يفتح لنا الدنيا من أطرافها كما فتحها علي أسلافنا. وما ذلك علي الله بعزيز وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين