مناجاة!
أنا،
يا باريَ الأكوانِ،
آيةُ كَوْنِكَ الأَسمَى،
فكُنْ منّي رِضَا كَوْني!
إلهي،
ثارَ في أمني قَطَا خَوفيْ،
إليكَ، ومنكَ، تحدو بي عناويني!
إلهي،
إنْ زهوتُ، فأنتَ أشواقي،
قوافي الغيمِ تُزْهِرُ
في بساتيني!
لكَ، اللهمَّ، حُكْمٌ،
فيه حِلْمٌ،
فيه عِلْمٌ بالموارَى في شراييني
فسُقْني، سِرْبَ أطيارٍ
لأعشاشِ الأمانِ الخُضْرِ!
صُغْ صَوتي وتلحيني!
ولا تحرمْ يمامةَ صدريَ الأُوْلَى،
فتكسر ريشَ هذا الحُبِّ بالطِّيْنِ!
تغني بين أغصانِ المثاني،
سال منها النورُ في جرحي
لتبْريني!
لقد أسلمتُ أنفاسي،
فَصُبَّ اللازوردَ عَلَيَّ في أقصَى موازيني!
بناصيتي وأَقدامي،
بإقدامي وإحجامي،
برئتُ إليكَ من ذاتي!
برئتُ إليكَ،
يا باري الورَى،
منّي!
إليك (أنا)!
فخذني من إراداتي!
وحرّرني من الماضي،
من الآني،
من الآتي،
ومن عاداتِ عاداتي!
يقول الله:
"قد سَمِعَتْ
وقد وَسِعَتْ أَنِيْنَ الكَوْنِ كُلّ الكونِ كلْماتي!"
لقد ضاقتْ بي الأسْماعُ،
والأوجاعُ،
إنْ ضاقتْ عن الرحمنٍ أنّاتي!
دمي نهرٌ سَرَى،
أنتَ الذي لوَّنْتَهُ،
أنتَ الذي أحصَى كُرَيَّاتي!
فأجْرِ دمي،
وأقْرِ فمي،
ولكنْ..
في ثَرَى ما شئتَ أن يأتي من الآتي!
إذا ما متُّ، يكفيني،
ليُحييني،
بأنكَ فيَّ حَيٌّ بَيْنَ ذَرَّاتي!
يديْ،
رجليْ،
دعوتُكَ، رَبِّ، لا تُطْلِقْهُمَا مِنِّي!
ولا تُرْسِلْ شُوَيْهاتي!
بغير حماكَ، يا ربِّ!
وكبّلني بحبلِ رضاكَ،
يا أشهَى اعتقالاتي!
وخُذْ عَيْني،
إذا ما أبْصَرَتْ
ما ليس يُرضي عَيْنَكَ، اللهمَّ، عن عَيْني!
وأذنيْ،
دفتريْ السِّرِّيَّ،
مَزِّقْهُ!
ولا تفضحْ بأذنيْ كُلَّ مَكْنُوْنِي!
إلهي،
(صاح أيوبُ):
"إذا ما صِرْتَ في كُلِّي،
فكُلِّي ليس يعنيني!"
................................
الرياض، رمضان 1424هـ.